للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد وطئوا له بوسادة من أدم، وكان رجلًا جسيمًا، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم يقولون: يا أبا عمرو أحسن في مواليك، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما ولاّك ذلك لتحسن فيهم. فلما أكثروا عليه قال: قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم، فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني الأشهل، فنعى لهم رجال بني قريظة قبل أن يصل إليهم سعد بن معاذ عن كلمته التي سمع منه.

فلما انتهى سعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قوموا إلى سيدكم فأنزلوه" (١)، فقاموا إليه، فقالوا: يا أبا عمرو، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد ولاك مواليك لتحكم فيهم. فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيها ما حكمت؟ ، قالوا: نعم. قال: وعلى من ها هنا؟ -في الناحية التي فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-- وهو معرض عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إجلالًا له، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نعم" (٢)، قال سعد: فإني أحكم


(١) فيه إكرام أهل الفضل وتلقيهم بالقيام لهم إذا أقبلوا، هذا ما احتج به جماهير العلماء لاستحباب القيام، قال القاضي: ليس هذا من القيام المنهي عنه، وإنما ذلك فيمن يقومون وهو جالس ويمثلون قيامًا طوال جلوسه، ولتعلم أن القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاء فيه أحاديث، ولم يصح في النهي شيء صريح.
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٢/ ٩٣.
(٢) ومَنْ حَكمَهُ المسلمون إذا حكم بشيء لزم حكمه، ولا يجوز للإمام ولا لهم الرجوع عنه -لذلك أجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله "نعم"- ولهم الرجوع قبل الحكم، والله أعلم.
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي ١٢/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>