وفي قول عائشة رضي الله عنها: ما شبع آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خبز بر، وفي قول المصلي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، ولا يدخلن في قوله: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد"، مع كونها من أوساخ الناس، فأزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى بالصيانة عنها والبعد منها؟ ! فإن قيل: لو كانت الصدقة حراما عليهن لحرمت على مواليهن، كما أنها لما حرمت على بني هاشم حرمت على مواليهم، وقد ثبت في الصحيح أن بريرة تصدق عليها بلحم فأكلته، ولم يحرمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي مولاة لعائشة رضي الله عنها. قيل: هذا هو شبهة من أباحها لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. وجواب هذِه الشبهة أن تحريم الصدقة على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس بطريقة الأصالة، وإنما هو تبع لتحريمها عليه - صلى الله عليه وسلم -، وإلا فالصدقة حلال لهن قبل اتصالهن به، فهن فرع في هذا التحريم، والتحريم على المولى فرع التحريم على سيده، فلما كان التحريم على بني هاشم أصلا استتبع ذلك مواليهم، ولما كان التحريم على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبعا لم يقو ذلك على استتباع مواليهن؛ لأنه فرع عن فرع. قالوا: وقد قال الله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} وساق الآيات إلى قوله تعالى {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}، ثم قال: فدخلن في أهل البيت؛ لأن هذا الخطاب كله في سياق ذكرهن، فلا يجوز إخراجهن من شيء منه، والله أعلم. انظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (ص ١٤ - ١٥)، "التبيين في أنساب =