للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا التأويل يطابق للتلاوة، وذلك أن الله تعالى حكم وأعلم إبداء ما أخفاه، والله لا يخلف الميعاد، ثم لم يجده أظهر من شأنه عند التزويج بقوله تعالى: {زَوَّجْنَاكَهَا}، فلو كان الذي أضمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محبتها، وإرادة طلاقها، لكن لا يجوز على الله عز وجل كتمانها، مع وعده أن يظهره، فدل ذلك على أنه عليه السلام عوتب على قوله: {أَمسِك عَلَيكَ زَوجَكَ}، مع علمه بأنها ستكون زوجته، وكتمانه ما أخبره الله سبحانه، حيث استبشع (١) واستحيا أن يقول لزيد: إن التي تحتك ستكون امرأتي، والله أعلم.

فهذا قول حسن قوي مرضي، وإن كان القول الآخر لا يقدح في حال النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذِه الأشياء ما لم يقصد فيها المأثم.

ثم قوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} أي: حاجته من نكاحها (٢).


= - ٥٢٤ باب {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه}.
وأخرج مثله الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ١٣ عن الحسن.
(١) استبشع الشيء أي: عدَّه بشعًا، والبشع: الكريه. ورجل بشع النفس إذا كان خبيث النفس. انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٨/ ١١. "مختار الصحاح" للرازي (ص ٢٢) (بشع).
(٢) وهو قول الطبري، واستشهد بقول الشاعر:
ودعني قبل أن أودعه. . . لما قضى من شبابنا وطر
أي حاجة، وقضاء الوطر في اللغة: بلوغ منتهى ما في النفس من الشيء، يقال: قضى وطرا منه إذا بلغ ما أراد من حاجته فيه، والمراد هنا: أنه قضى وطره منها =

<<  <  ج: ص:  >  >>