للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في البيت، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - شديد الحياء (١)، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قلا عن بيته (٢) خرجوا، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته وضرب بيني وبينه سترًا، ونزلت هذِه الآية (٣).


(١) الحياء: بالمد، وهو في اللغة تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به، وقد يطلق على مجرد ترك الشيء بسبب، والترك إنما هو من لوازمه، وفي الشرع: خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، ولهذا جاء في الحديث: "الحياء خير كله". وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم -كما روى البخاري: أشد حياء من العذراء أي: البكر في خدرها أي: في سترها، وهو من باب التتميم، لأن العذراء في الخلوة يشتد حياؤها أكثر مما تكون خارجة عنه، لكون الخلوة مظنة وقوع الفعل بها، فالظاهر أن المراد تقييده بما إذا دخل عليها في خدرها لا حيث تكون منفردة، ومحل وجود الحياء منه - صلى الله عليه وسلم - في غير حدود الله، ولهذا قال للذي اعترف بالزنا: "أنكتها" لا يكني كما رواه البخاري في الحدود. وأخرج البزار من حديث ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل من وراء الحجرات، وما رأى أحد عورته قط. وإسناده حسن. انظر: "فتح الباري" ٦/ ٥٧٧.
(٢) قلا عن بيته: أي: تركه وأبغضه، ومنه: فلان يتقلى على فراشه: أي يتململ ولا يستقر. والقلي: البغض. يقال: قلاه يقليه قِلى وقَلى إذا أبغضه. وقيل: جرب الناس، فإنك إذا جربتهم قليتهم، أي: تركتهم لما يظهر لك من بواطن سرائرهم. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٤/ ١٠٥ (قلا).
(٣) وقد روي في سبب نزولها ما يقرب من ستة أقوال، أغلبها ضعيف إلَّا هذا الأثر، وهو أولى الأقوال في سبب نزول الآية، وقد روي في الصحيح، وهو قول جمهور المفسرين، والقول الثاني: ما رواه أنس عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وسيأتي - أنَّه قال: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب. وهذان القولان أصح ما قيل في أمر الحجاب، وما عدا ذلك من الأقوال والروايات فواهية لا يقوم شيء منها على ساق. وهذِه الآية تضمنت قصتين: إحداهما الأدب في أمر الطعام، والثانية: أمر الحجاب البخاري في =

<<  <  ج: ص:  >  >>