لطيفة: قوله تعالى: {بُيُوتَ النَّبِيِّ} فيه دليل أن البيت بيت الرجل، إذ جعله مضافًا إليه، فإن قال قائل: قد قال الله تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ}؟ ، قيل: إضافة البيوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إضافة ملك، وإضافة البيوت إلى الأزواج إضافة محل، بدليل إنه جعل الإذن فيها للنبي - صلى الله عليه وسلم - والإذن إنما يكون للمالك، وبدليل قوله: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِيَّ} وكذلك يؤذي أزواجه، ولكن لما كان البيت للنبي أضافه إليه. مسألة: واختلف العلماء في بيوت النبي إذ كان يسكن فيها أهله بعد موته هل هي ملك لهن أم لا؟ على قولين، أصحهما: أنها لم تكن ملكًا لهن بعد موته، وإنما كانت إسكانًا كما يسكن الرجل أهله، وكذلك لم تكن هبة، وتمادى سكناهن بها إلى الموت لأحد أمرين: إما لأن عدتهن لم تنقض إلَّا بموتهن، وإما لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استثنى ذلك لهن مدة حياتهن كما استثنى النفقة في قوله: "ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤنة عاملي فهو صدقة" والدليل على ذلك أنهن إذا متن رجعت مساكنهن إلى أصلها من بيت المال، ولم يرثها عنهن ورثتهن، ولو كان ذلك ملكا لهن لورثه ورثتهن، وما تركوه، فلما توفين جعل ذلك زيادة في المسجد الَّذي يعم المسلمين نفعه، كما ردت نفقاتهن إلى بيت المال، فدل ذلك على أن سكناهن إنما كانت متاعًا لهن إلى الممات، ثم رجعت إلى أصلها في منافع المسلمين، وهو القول الَّذي ارتضاه أبو عمر بن عبد البر، وابن العربي، والقرطبي، وغيرهم. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٢٢٥ - ٢٢٦.