للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحق، فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} (١) (٢) تدعون {إِلَى طَعَامٍ} (٣) فيؤذن لكم فتأكلونه.


(١) حظر الله تعالى على المؤمنين أن يدخلوا منازل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير إذن، كما كانوا قبل ذلك يصنعون في بيوتهم في الجاهلية وابتداء الإسلام، حتَّى غار الله تعالى لهذِه الأمة فأمرهم بذلك -الإذن-، وذلك من إكرامه تعالى لهذِه الأمة، ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والدخول على النساء" الحديث رواه البخاري في النِّكَاح باب لا يخلون رجل بامرأة (٥٢٣٢)، ومسلم في السلام باب تحريم الخلوة بالأجنبية (٢١٧٢)، ثم استثنى من ذلك فقال تعالى: {إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}. انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١١/ ٢٥٦.
(٢) المقصود هنا طعام الوليمة، والوليمة إذا أطلقت حملت على طعام العرس بخلاف سائر الولائم فإنها تقيد، وهي من الأطعمة المشهورة عند العرب، وكذلك المأدبة وهي طعام الدعوة لأي سبب كانت، والتحفة وهي طعام الزائر، فإن كان بعده غيره فهو النزل، والشدخية وهي طعام الإملاك، والخرس وهو طعام الولادة، والعقيقة طعام سابعها، والوضيمة طعام الجنازة. . . إلى غير ذلك.
(٣) فائدة: قوله - عَزَّ وَجَلَّ - {إِلَى طَعَامٍ} فيه أمر وهو أن الكريم إذا دعا إلى منزله أحدًا لأمر لم يكن بد من أن يقدم إليه ما حضر من طعام ولو تمرة أو كسرة، فإذا تناول معه ما حضر من طعام كلمه فيما عرض.
مسألة: قال الرازي في قوله: {إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ} إما أن يكون فيه تقديم وتأخير فيكون معناه: ولا تدخلوا إلَّا أن يؤذن لكم إلى طعام، فيكون الإذن مشروطًا بكونه إلى طعام، فإن لم يؤذن إلى طعام فلا يجوز الدخول، فلو أذن لواحد في الدخول لاستماع كلام لا لأكل طعام فلا يجوز. وهذا مردود عليه، قال الشوكاني رحمه الله: والأولى أن يقال: قد دلت الأدلة على جواز دخول بيوته - صلى الله عليه وسلم - بإذنه لغير الطعام، وذلك معلوم لا شك فيه، فقد كان الصحابة وغيرهم يستأذنون عليه لغير الطعام فيأذن لهم، وذلك معلوم لا شك فيه، وذلك يوجب قصر هذِه الآية على السبب الَّذي نزلت فيه، وهو القوم الذين كانوا =

<<  <  ج: ص:  >  >>