للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وحفصة بعد خنيس بن حذافة: ما بال محمد يتزوج نساءنا! والله لو قد مات لأجلنا السهام على نسائه. فنزلت الآية في هذا، فحرم الله نكاح أزواجه من بعده، وجعل لهن حكم الأمهات. وهذا من خصائصه تمييزا لشرفه وتنبيها على مرتبته - صلى الله عليه وسلم -. قال الشافعي رحمه الله: وأزواجه - صلى الله عليه وسلم - اللاتي مات عنهن لا يحل لأحد نكاحهن، ومن استحل ذلك كان كافرا، لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا}. وقد قيل: إنما منع من التزوج بزوجاته، لأنهن أزواجه في الجنّة، وأن المرأة في الجنّة لآخر أزواجها. قال حذيفة لامرأته: إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنّة إن جمعنا الله فيها فلا تزوجي من بعدي، فإن المرأة لآخر أزواجها.
مسألة: اختلف العلماء في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته، هل بقين أزواجه أم زال النِّكَاح بالموت، وإذا زال النِّكَاح بالموت فهل عليهن عدة أم لا؟ فقيل: عليهن العدة، لأنه توفي عنهن، والعدة عبادة. وقيل: لا عدة عليهن، لأنها مدة تربص لا ينتظر بها الإباحة. وهو الصحيح، لقوله -عليه السلام-: "ما تركت بعد نفقة عيالي" وروي: "أهلي" وهذا اسم خاص بالزوجية، فأبقى عليهن النفقة والسكنى مدة حياتهن لكونهن نساءه، وحرمن على غيره، وهذا هو معنى بقاء النِّكَاح. وإنما جعل الموت في حقه -عليه السلام- لهن بمنزلة المغيب في حق غيره، لكونهن أزواجا له في الآخرة قطعًا بخلاف سائر الناس، لأن الرجل لا يعلم كونه مع أهله في دار واحدة، فربما كان أحدهما في الجنّة والآخر في النار، فبهذا انقطع السبب في حق الخلق وبقي في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال -عليه السلام-: "زوجاتي في الدنيا هن زوجاتي في الآخرة". وقال -عليه السلام-: "كل سبب ونسب ينقطع إلَّا سببي ونسبي فإنه باق إلى يوم القيامة". فرع -فأما زوجاته -عليه السلام- اللاتي فارقهن في حياته مثل الكلبية وغيرها، فهل كان يحل لغيره نكاحهن؟ فيه خلاف. والصحيح جواز ذلك، لما روي أن الكلبية التي فارقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها عكرمة بن أبي جهل، فشق ذلك على أبي بكر مشقة شديد، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله، إنها ليست من نسائه، إنها لم يخيرها رسول الله ولم يحجبها، وقد برأها الله منه بالردة التي ارتدت مع قومها: قال: فاطمأن أبو بكر - رضي الله عنه - وسكن. وقيل: إن الَّذي تزوجها الأشعث بن قيس =

<<  <  ج: ص:  >  >>