لابن كثير فائدة: وقد أخبر - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بأنه يصلي على عباده المؤمنين في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} الآية وقال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ} الآية، وفي الحديث "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف" وفي الحديث الآخر "اللهم صل على آل أبي أوفى" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة جابر وقد سألته أن يصلي عليها وعلى زوجها "صلى الله عليك وعلى زوجك". انظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١١/ ٢١٠ - ٢١١. مسألة: واختلف العلماء في الضمير في قوله: (يصلون) فقالت فرقة: الضمير فيه لله والملائكة، وهذا قول من الله تعالى شرف به ملائكته، فلا يصحبه الاعتراض الَّذي جاء في قول الخطيب: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس الخطيب أنت، قل ومن يعص الله ورسوله" أخرجه في الصحيح. قالوا: لأنه ليس لأحد أن يجمع ذكر الله تعالى مع غيره في ضمير، ولله أن يذكر في ذلك ما يشاء. وقالت فرقة: في الكلام حذف تقديره: إن الله يصلي وملائكته يصلون، وليس في الآية اجتماع في ضمير، وذلك جائز للبشر فعله. ولم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس الخطيب أنت" لهذا المعنى، وإنما قال لأن الخطيب وقف على: ومن يعصهما، وسكت سكتة. واستدلوا بما رواه أبو داود عن عدي بن حاتم أن خطيبا خطب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من يطع الله ورسوله ومن يعصهما. فقال: "قم -أو: اذهب- بئس الخطيب أنت". إلَّا أنَّه يحتمل أن يكون لما خطأه في وقفه وقال له: (بئس الخطيب) أصلح له بعد ذلك جميع كلامه، فقال: "قل: ومن يعص الله ورسوله" كما في صحيح مسلم. وهو يؤيد القول الأول بأنه لم يقف على "ومن يعصهما". وقرأ ابن عباس: (وملائكتُه) =