انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٢٣٢. مسألة: هل يجوز أن نصلي على أحد من الناس غير النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ الجواب: أما الصلاة على غير الأنبياء فإن كانت على سبيل التبعية كما في الحديث "اللهم صل على محمد وآله وأزواجه وذريته" فهذا جائز بالإجماع وإنما وقع النزاع فيما إذا أفرد غير الأنبياء بالصلاة عليهم، فإن هذِه الصلاة من الله على رسوله وإن كان معناها الرحمة فقد صارت شعارًا له يختص به دون غيره، فلا يجوز لنا أن نصلي على غيره من أمته كما يجوز لنا أن نقول: اللهم ارحم فلانًا أو رحم الله فلانًا، وبهذا قال جمهور العلماء مع اختلافهم هل هو محرم، أو مكروه كراهة شديدة، أو مكروه كراهة تنزيه على ثلاثة أقوال. وقد قال ابن عباس كما رواه عنه ابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب: لا تصلح الصلاة على أحد إلَّا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار. مسألة: قد يقول قائل إن كان كما ذكر فماذا تقول في قوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لُهُمْ} وقوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} وقوله: {هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتَهُ} وحديث عبد الله بن أبي أوفى الثابت في الصحيحين وغيرهما قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل عليهم، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى"؟ فيجاب: عن هذا بأن هذا الشعار الثابت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - له أن يخص به من شاء، وليس لنا أن نطلقه على غيره. وأما قوله تعالى: {هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتَهُ} وقوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ} فهذا ليس فيه إلَّا أن الله سبحانه يصلي على طوائف من عباده كما يصلي على من صلى على رسوله مرة واحدة عشر صلوات، وليس في ذلك أمر لنا ولا شرعه الله في حقنا، بل لم يشرع لنا إلَّا الصلاة والتسليم على رسوله. مسألة: وكما أن لفظ الصلاة على رسول الله شعار له، فكذا لفظ السلام عليه. =