وأما التصوير بالآلة وهي (الكاميرا) التي تنطبع الصورة بواسطتها من غير أن يكون للمصور فيها أثر بتخطيط الصورة وملامحها فهذِه موضع خلاف بين المتأخرين، فمنهم من منعها، ومنهم من أجازها فمن نظر إلى لفظ الحديث منع؛ لأن التقاط الصورة بالآلة داخل في التصوير، ولولا عمل الإنسان بالآلة بالتحريك والترتيب وتحميض الصورة لم تلتقط الصورة، ومن نظر إلى المعنى والعلة أجازها؛ لأن العلة هي مضاهاة خلق الله، والتقاط الصورة بالآلة ليس مضاهاة لخلق الله بل هو نقل للصورة التي خلقها الله تعالى نفسها، فهو ناقل لخلق الله لا مضاه له، قالوا: ويوضح ذلك أنَّه لو قلد شخص كتابة شخص لكانت كتابة الثاني غير كتابة الأول بل هي مشابهة لها، ولو نقل كتابته بالصورة الفوتوغرافية لكانت الصورة هي كتابة الأول وإن كان عمل نقلها من الثاني، فهكذا نقل الصورة بالآلة الفوتغرافية (الكاميرا) الصورة فيه هي تصوير الله نقل بواسطة آلة التصوير. والاحتياط الامتناع من ذلك؛ لأنه من المتشابهات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، لكن لو احتاج إلى ذلك لأغراض معينة كإثبات الشخصية فلا بأس به، لأن الحاجة ترفع الشبهة؛ لأن المفسدة لم تتحقق في المشتبه فكانت الحاجة رافعة لها. وقال رحمه الله في حكم التصوير: التصوير على أنواع: النوع الأول: أن يصور ما له ظل وجسم على هيئة إنسان أو حيوان، وهذا حرام، ولو فعله عبثًا ولو لم يقصد المضاهاة؛ لأن المضاهاة لا يشترط فيها القصد حتَّى لو وضع هذا التمثال لابنه لكي يهدئه به. فإن قيل: أليس المحرم ما صور لتذكار قوم صالحين كما هو أصل الشرك في قوم نوح؟ =