للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي بعض الأخبار: "يقول الله جل جلاله: ومن أظلم ممن أراد يخلق مثل خلقي، فليخلق حبة أو ذرة" (١).


= أجيب: إن الحديث في لعن المصورين عام، لكن إذا انضاف إلى التصوير هذا القصد صار أشد تحريمًا.
النوع الثاني: أن يصور صورة ليس لها جسم بل بالتلوين والتخطيط، فهذا محرم أيضًا لعموم الحديث، ويدل له حديث النمرقة حيث أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته، فلما أراد أن يدخل رأى نمرقة فيها تصاوير فوقف وتأثر، وعرفت الكراهة في وجهه - صلى الله عليه وسلم -، فقالت عائشة رضي الله عنها: ما أذنبت يا رسول الله؟ فقال: إن أصحاب هذِه الصور يعذبون، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم. فالصور بالتلوين كالصور بالتجسيم على الصحيح، وقوله في صحيح البخاري: إلَّا رقمًا في ثوب إن صحت الرواية هذِه فالمراد بالاستثناء ما يحل تصويره من الأشجار ونحوها ليتفق مع الأحاديث الأخرى.
النوع الثالث: أن تلتقط الصورة التقاطًا بأشعة معينة بدون أي تعديل أو تحسين من الملتقط فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين على قولين:
القول الأول: أنها صورة وإذا كان كذلك فإن حركة هذا الفاعل تعتبر تصويرًا إذ لولا تحريكه إياها ما انطبعت هذِه الصورة على هذِه الورقة، ونحن متفقون على أن هذِه صورة فحركته تعتبر تصويرًا فيكون داخلًا في العموم.
القول الثاني: أنها ليست بتصوير، لأن التصوير فعل المصور، وهذا الرجل ما صورها في الحقيقة وإنما التقطها بالآلة، والتصوير من صنع الله، ومثال ذلك: لو أدخلت كتابًا في آلة التصوير ثم خرج من هذِه الآلة فإن رسم الحروف من الكاتب الأول لا من المحرك بدليل أنَّه قد يحركها شخص أمي لا يعرف الكتابة إطلاقًا أو أعمى. وهذا القول أقرب، لأن المصور يعتبر مبدعًا، ومخططًا، ومضاهيًا لخلق الله تعالى وليس هذا كذلك. "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله"، المجلد الثاني، التصوير، فتوى (٣١٣، ٣١٤).
(١) رواه البخاري كتاب اللباس، باب نقض الصور (٥٩٥٣)، ومسلم في اللباس والزينة، باب تحريم تصوير الحيوان (٢١١١)، وأحمد في "المسند" ٢/ ٢٣٢ =

<<  <  ج: ص:  >  >>