للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} (١).


= السنة في أغلب البقاع، فلهذا أديل علينا أعداء الإسلام، فعاثوا في بلاد المسلمين فسادًا، وعاش المسلمون في نكد العيش، بعدما كانوا في عيش رغيد، وأصبحوا في خوف شديد، وتغير حال الناس في كثير من البلاد، فلا يبيتون ليلة إلا في خوف من قوارع الأعداء وطوارق الشرور المترادفة أُخذت أموالهم، وتبدد شملهم، وتفرق عددهم، فالله المستعان، وإنا لله وإنا إليه راجعون. وبالغ الأعداء في الاجتهاد في قتال الإسلام وأهله، وجدوا في التشمير، فالحكم لله العلي الكبير. ولا يدخلون بلدة إلا قتلوا الرجال، واعتدوا على النساء والأطفال، خربوا المساجد، وكسروا منابرها وقتلوا مرتاديها. والمقصود أن هذا المرتد الكافر، لعنه الله وأهل ملته أجمعين أكتعين أبتعين أبصعين، إن لم يتوبا لله رب العالمين، كان قد رسم بعض الصور التي تسيء إلى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ونشرها وساعده بعض من كان قد خذله الله وأذله، وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، وصرفه عن الإسلام وأصله. وتباهى بها هذا اللعين، وتعرض لسب رسول الإسلام والمسلمين، وهو أقل وأذل وأخس وأضل من الأنعام ويزعم أنه ينتصر لدين المسيح -عليه السلام-، وتعرض فيها بجناب الرسول عليه من ربه التحية والإكرام، ودوام الصلاة مدى الأيام. وقد هيأ الله تعالى له من أهل زماننا مَنْ رد على ذلك الجاحد المعاند جوابه، رغم أنه أقل من أن نرد عليه خطابه. لعن الله راسمها وناشرها ومن ساعد على نشرها ورضي بها وأسكنه النار، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢)} يوم يدعو راسمها ثبورًا ويصلى سعيرًا {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا} إن مات كافرًا. فقد أتى برسم بارد متخاذل، وبالإفك والبهتان مع كل قائم، ونقول كما قال حسان - رضي الله عنه -:
هجوتَ محمدًا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
(١) قال ابن كثير رحمه الله: لا خلاف في جواز لعن الكفار، وقد كان عمر بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>