وفي حديث عمار بن ياسر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق" "سنن النسائي" في السهو في باب نوع آخر من الدعاء ٣/ ٥٤ - ٥٥. ثم إنه -سبحانه وتعالى- قد اختص بأمور غيبية لا يعلمها إلا هو كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}، وقال {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦)}، وقال: {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}، وقال: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}، وهذا من لوازم نفسه -سبحانه وتعالى- المقدسة، وبراهين علمه تعالى ظاهرة مشاهدة في خلقه، وشرعه، وقد بين الله تعالى في هذِه الآيات الكريمة أن غيب السماوات والأرض لله تعالى وحده لا يشركه فيه غيره ولا يظهر سبحانه أحدًا على هذا الغيب إلا من أرتضاه من الرسل الكرام، وكل علم يتعلق بالمستقبل فإنه من علم الغيب. وهذِه الآيات التي ذكرتها مدح الله تعالى فيها نفسه بأنه عالم الغيب، وأنه استأثر به دون خلقه، فكان ذلك دليلًا على أنه لا يعلم الغيب سواه، فعلمه تعالى وسع كل شيء في الماضي والمستقبل والحال. وليس المنجم والكاهن ومن ضاهاهما، كالضارب بالحصى، والناظر في الكتب والأكف وما أشبه ذلك، ممن ارتضاه الله من الرسل حتى يطلعهم على ما يشاء من الغيوب، كما قال تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} بل هؤلاء الكهان مفترون على الله، يصطادون أموال الجهلة من الناس بالتخمين الكاذب والادعاء الفارغ. والغيب: مصدر غاب، إذا استتر عن العين، قال تعالى: {أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} =