للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اختلف القراء فيها: فقرأ يحيى، والأعمش، وحمزة، والكسائي:


= واستعمل في كل غائب عن الحاسة، وعما يغيب عن علم الإنسان، قال تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥)}، ويقال للشيء: غيب، وغائب، باعتبار تعلقه بالناس. أما الله تعالى فإنه لا يغيب عنه شيء. كقوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}، أي: ما يغيب عنكم، وما تشهدونه. والغيب في قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} ما لا يقع تحت الحواس، ولا تدركه العقول، وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهم السلام.
قال ابن فارس: الغين والياء والباء: أصل صحيح يدل على تستر الشيء عن العيون، ثم يقاس؛ من ذلك الغيب: ما غاب مما لا يعلمه إلا الله، ويقال: غابت الشمس تغيب غيبة وغيوبا وغيبا، وغاب الرجل عن بلده، وأغابت المرأة فهي مغيبة، إذا غاب بعلها، ووقعنا في غيبة وغيابة، أي هبطة من الأرض يغاب فيها، قال الله تعالى على لسان قائل من إخوة يوسف في قصة يوسف -عليه السلام-: {وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} [يوسف: ١٠] والغابة: الأجمة، والجمع: غابات وغاب، وسميت غابة لأنه يغاب فيها، والغيبة: الوقيعة في الناس من هذا؛ لأنها لا تقال إلا في غيبة. والغيب شرعا: هو ما سوى الشهادة، والخلق كله منقسم إلى عالمين، عالم غيبي مستور، وعالم مشهود محس. والغيب منه ما هو مطلق، ومنه ما هو نسبي، ومنه ما مضى، ومنه ما لم يقع بعد، ولكنه سيقع في الدنيا، ومنه ما هو من أمر الآخرة، ولهذا وصف الله جل ذكره نفسه بأنه {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (٩)} [الرعد: ٩]؛ فالإيمان بالله: إيمان بالغيب، والإيمان بالملائكة بالنسبة لعامة الناس إيمان بالغيب، وبالنسبة للأنبياء والمرسلين الذين شاهدوا جبريل -عليه السلام-، وشاهدوا غيره من الملائكة، إيمان بالشهادة، ويقاس على الأنبياء في هذا من ورد به النص: كمريم عليها السلام، حين رأت جبريل، وتمثل لها بشرا سويا، والإيمان بالمعجزات بالنسبة لمن شاهدوها: إيمان بشيء شاهدوه، وبالنسبة لغيرهم: إيمان بالغيب، والإيمان بالجن، والجنة، والنار، والميزان، والحور العين، والولدان المخلدين، وبالخَزَنة، والزبانية، وحملة العرش، وأنواع النعيم الأخروي، وصنوف العذاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>