للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} فذكر أن الحديد في كان (١) يده كالطين المبلول والعجين والشمع، يصرفه بيده كيف يشاء من غير إدخال نار، ولا ضرب بحديد (٢)، وكان سبب ذلك على ما روي في الأخبار: أن داود -عليه السلام- لما ملك بني إسرائيل كان من عادته أن يخرج للناس متنكراً، فإذا رأى رجلاً لا يعرفه تقدم إليه يسأله عن داود، يقول له: ما تقول في داود واليكم هذا، أي رجل هو؟ فيثنون عليه ويقولون خيراً، فبينا هو في ذلك يوماً من الأيام إذ قيّض الله له ملكاً في صورة آدمي، فلما رآه داود تقدم إليه على عادته فسأله، فقال له الملك: نِعْمَ الرجل هو لولا خصلة فيه. فراع (٣) داود ذلك وقال: ما هي يا عبد الله؟ ، قال: إنه يأكل ويُطعم عياله من بيت المال.

قال: فتنبه لذلك، وسأل الله تعالى أن يسبب له سبباً (٤) يستغني به عن بيت المال فيتقوت منه (٥) ويُطعم عياله، فألان الله تعالى له الحديد، فصار في يده مثل الشمع، وعلمه صنعة الدروع، فكان


(١) من (م).
(٢) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ٦٦، عن قتادة. وفي "تاريخ دمشق" لابن عساكر ١٧/ ٩٠ عن سفيان قال: سألت الأعمش عن قوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} قال: مثل الخيوط.
(٣) فراع داود: أي: أفزعه ذلك. . والروعة: هي المرّةُ الواحدة من الرَّوع: الفَزَع. وروعي: أي: في نَفْسي وخَلَدي.
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير ٢/ ١١٣ (روع).
(٤) في (م): شيئاً.
(٥) في (م): به.

<<  <  ج: ص:  >  >>