(١) كان من أمر الجن مع سليمان -عليه السلام- حين موته شيء عجيب، فقد كانت الجن تزعم أنهم يعلمون الغيب، والظاهر أن الشياطين منهم هم الذين اعتقدوا ذلك، فإن المؤمنين منهم قالوا فيما حكاه الله تعالى عنهم: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: ١٠] ففيه اعتراف مؤمنيهم بأن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، وهذا نص على أن الجن لا تعلم الغيب، أما اعترافهم جميعاً بما فيهم المردة من الشياطين -فهذا يظهر حين موت سليمان -عليه السلام-، كما حكى القرآن في هذِه الآية، فكانت الجن تعمل -وكذلك غيرهم- اعتقاداً منهم أنَّه -عليه السلام- حي وقائم على تسخيرهم، فكان ذلك خير دليل عملي أمام أعينهم بأنهم لا يعلمون الغيب، وأنه بيد الله تعالى وحده كما قال: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥] لكن يُطلع الله تعالى بعض غيبه على بعض رسله كما قال: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: ٢٦ - ٢٧]. انظر: "أضواء البيان" للشنقيطي ٨/ ٥٤٣، "عبودية الكائنات" للتوني (ص ٣٦٧). "البداية والنهاية" لابن كثير ٣/ ١٨ - ٢٠. (٢) من (م). (٣) في (م): كانوا.