للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس، ووهب وغيرهما: كان هذا السد يسقي جنتيهم، وكان فيما ذكر بنته بلقيس، وذلك أنها لما ملكت جعل قومها يقتتلون على ماء واديهم، فجعلت تنهاهم فلا يطيعونها، فتركت ملكها وانطلقت إِلَى قصر لها فنزلته، فلما كثر الشر بينهم وندموا أتوها فأرادوها على أن ترجع إِلَى ملكها فأبت، فقالوا: لترجعنّ (١) أو لنقتلنك، فقالت: إنكم لا تطيعونني (٢)، وليست بكم (٣) عقول (٤)، قالوا: فإنّا نطيعك، فإنّا لم نجد فينا خيرًا بعدك، فجاءت


(١) في (م): أترجعين.
(٢) في (م): تطيقون.
(٣) في (م): لكم.
(٤) قلت: أرى أنها قد صدقت في هذا القول، لأنه لو كانت بهم عقول ما قبلوا أن تملكهم امرأة، وفي الصحيح أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، ولعل هذا الحديث يرد على الحمقى من العلمانيين، الذين أرادوا إفساد هذا الدين، حينما نادوا بالمساواة بين المرأة والرجل في كل الحقوق والواجبات، معرضين بذلك عن شرع رب العالمين، وعما اقتضته الفطرة من تفضيل الرَّجل على المرأة، وقد اقتضت حكمة الله تعالى البالغة أن يكون الضعيف الناقص مقومًا عليه من قبل القوي الكامل، واقتضى ذلك أن يكون الرَّجل ملزمًا بالإنفاق على نسائه، والقيام بجميع لوازمهن في الحياة كما قال تعالى: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، واقتضت حكمة الحكيم الخبير أن يؤثر الرَّجل على المرأة في الميراث ودفع المهور، والبذل في نوائب الدهر. وتفضيل نوع الذكر على نوع الأنثى في أصل الخلقة والطبيعة حكمته ظاهرة واضحة، لا ينكرها إلَّا من أعمى الله بصيرته بالكفر والمعاصي. ولذا جعل الله تعالى الرَّجل هو المسؤول عن المرأة في جميع أحوالها. وخصه بالرسالة والنبوة والخلافة دونها، وملكه الطلاق دونها. وجعله الولي في النكاح =

<<  <  ج: ص:  >  >>