فإن تك أذواد أصبن ونسوة ... فلن يذهبوا فرغًا بقتل حبال وكقول كثير: لئن كان برد الماء هيمان صاديًا ... إِلَى حبيبًا إنها لحبيب وقول الآخر: تسليت طرًّا عنكم بعد بينكم ... بذكركم حتَّى كأنكم عندي فقوله في البيت الأول: فرغًا، أي: هدرًا، حال وصاحبه المجرور بالباء الذي هو بقتل، وحبال اسم رجل. وقوله في البيت الثاني: هيمان صاديًا، حالان من ياء المتكلم المجرورة بإلى في قوله: إِلَى حبيبًا. وقوله في البيت الثالث: طرا حال من الضمير المجرور بعن، في قوله: عنكم، وهكذا وتقدم الحال على صاحبها المجرور بالحرف منعه أغلب النحويّين. وقال الزمخشري في "الكشاف" في تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} إلَّا رسالة عامة لهم محيطة بهم؛ لأنهم إذا شملتهم، فإنَّها قد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم. وقال الزجاج: المعنى: أرسلناك جامعًا للنَّاس في الإنذار والإبلاع فجعله حالًا من الكاف، وحق التاء على هذا أن تكون للمبالغة كتاء الراوية والعلامة، ومن جعله حالًا من المجرور متقدمًا عليه فقد أخطأ؛ لأن تقدم حال المجرور عليه في الإحالة بمنزلة تقدم المجرور على الجار، وكم ترى ممن يرتكب هذا الخطأ ثم لا يقنع به حتَّى يضم إليه أن يجعل اللام بمعنى إِلَى؛ لأنه لا يستوي له الخطأ الأول إلَّا بالخطأ الثاني، فلا بد له من ارتكاب الخطأين. وقد اعترض على كلام الزمخشري: بأن {كَافَّةً} مختصة بمن يعقل وبالنصب على الحال كطرا، وقاطبة. وهو المشهور المتداول في كلام العرب. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٣٠٠ - ٣٠١. وانظر التعليق عند قوله تعالى في الأحزاب: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥)}.