فأخبرها الخبر فجزعت سارة وقالت: يا إبراهيم أردتَ أن تذبح ابني ولا تُعلِمني (١).
وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - عن كعب الأحبار، وابنُ إسحاق عن رجالٍ قالوا: لما أُري إبراهيم عليه السلام ذبح ابنه قال الشيطان: والله لئن لم أفتن عند هذا آل إبراهيم لا أفتن منهم أحدًا أبدًا، فمثل له الشيطان رجلًا وأتى أمَّ الغلام فقال لها: هل تدرين أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت: ذهب به يحطبنا من هذا الشعب قال: لا، والله ما ذهب به إلّا ليذبحه قالت: كلَّا هو أرحم به وأشدّ حبًّا له من ذلك، قال: إنه يزعم أن الله أمَرَه بذلك. قالت: فإن كان ربُّه أمَرَه بذلك فقد أحسن أن يطيع ربّه وسلّمنا لأمر الله عز وجل فخرج الشيطان من عندها حتى أدرك الابنَ وهو يمشي على أثر أبيه فقال له: يا غلام هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ قال: يحطب أهلنا من هذا الشعب، قال: والله ما يريد إلا أن يَذْبَحك. قال: ولمَ؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك، قال: فليفعل ما أمر ربّه فسمع وطاعةٌ، فلما امتنع منه الغلام أقبل على إبراهيم عليه السلام فقال له: أين تريد أيها الشيخ؟ فقال: أريد هذا الشعب لحاجة لي فيه فقال: والله إني لأرى الشيطان قد
(١) انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري ١/ ٢٧٣، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير ١/ ٨٧، "المنتظم" لابن الجوزي ١/ ٧٩. قلت: دمج الثعلبي هنا في سرد قصة الذبيح بين من قال إنه إسماعيل وبين من قال إنه إسحاق لأن غرضه هنا بيان ما حصل من حوار بين إبراهيم وابنه بغض النظر عن تعيين الذبيح، فيلاحظ هذا. والعلم عند الله.