إسرائيل يومئذ متفرقون في أرض الشام وفيهم ملوك كثيرة، وكان سبب ذلك أن يوشع بن نون عليه السلام لما فتح أرض الشام بعد موسى عليه السلام وملكها بوَّأها بني إسرائيل وقسمها بينهم فأحَلَّ سِبْطًا منهم ببَعْلَبَك (١) ونواحيها، هم سبط إلياس الذي كان منهم إلياسُ عليه السلام، فبعث الله عز وجل إليهم نبيًّا وعليهم يومئذ مَلِكٌ يقال له: أجب، قد أضلّ قومه وأجبرهم على عبادة الأصنام، وكان يعبد هو وقومه صنمًا يقال له: بَعل، وكان طوله عشرين ذراعًا وكانت له أربعة وجوه، قال فجعل إلياس عليه السلام يدعوهم إلى الله تعالى وهم في ذلك لا يسمعون منه شيئًا إلا ما كان من أمر الملك الذي كان ببعلبك، فإنه صدّقه وآمن به فكان إلياس عليه السلام يقوّمُ أمره ويسدَّدُهُ ويرشده.
وكان لأجبّ الملك هذا امرأة يقال لها لزيئيل، وكان يستخلفها على رعيّته إذا غاب عنهم في غزاة أو غيرها فكانت تبرز للناس كما يبرز زوجها وتركب كما يركب وتجلس في مجلس القضاء فتقضي بين الناس وكانت قتّالة للأنبياء عليهم السلام، قال: وكان لها كاتب رجلٌ مؤمن حكيم يكتم إيمانه، وكان كاتبها قد خلّص من يدها ثلاثمائة نبيّ كانت تريد قتل كل واحد منهم إذا بُعث سوى الذي قتلتهم ممَّن كثر عددهم وكانت في نفسها غير محصنة، ولم يكن على وجه الأرض أفحش منها وهي مع ذلك قد تزوجت سبعة ملوك من ملوك بني إسرائيل قتلت كلهم بالاغتيال وكانت معمرة حتى يقال
(١) بعلبك: مدينة بالشام معروفة. "معجم ما استعجم" للبكري ١/ ٢٦٠.