للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بإلياس سوءًا وإنما أظهر له ذلك لما اطلع عليه من إيمانه وأن الملك مع اطلاعه على إيمانه كان مُغْضِيًا عنه لما هو عليه من الكفاية والأمانة والحكمة وسداد الرأي والبصر بالأمور، قال: فلما وجّهه نحوه أرسل معه فئةً من أصحابه وأوعز إلى الفئة دون الكاتب أن يوثقوا إلياس ويأتونه به إن أراد التخلف عنهم، وإن جاء مع الكاتب واثقًا به آنسًا بمكانه لم يوحشوه ولم يُروِّعوه، ثم أظهر للكاتب الإنابة وقال له: إنه قد آن لي أن أتوب وأتعظ وقد أصابتنا بلايا من حريق أصحابنا والبلاء الذي فيه ابني، وقد عرفت أن ذلك بدعوة إلياس ولست آمنُ أن يدعو على جميع من بقي منا فنهلك بدعوته، فانطلق لنا إليه وأخبره أنا قد تُبنا وأنبنا وأنه لا يصلحنا في توبتنا وما نريد من رضاء ربنا وخلع أصنامِنا إلا أن يكون إلياس بين أظهرنا يأمرنا ويُخبرنا بما يُرضي ربّنا، قال: وأمَر قومه فاعتزلوا الأصنام وقالوا له: أخبر إلياس أنا قد خلعنا آلهتنا التي كنا نعبد وأرخيْنا (١) أمرها حتى ينزل إلياس إلينا فيكون هو الذي يُحرقها ويُهلكها وكان ذلك مكرًا من الملك.

قال: فانطلق الكاتب والفئة حتى علا الجبل الذي فيه إلياس عليه السلام، ثم ناداه فعرف إلياس عليه السلام صوته فتاقت نفسه إليه وأنس بمكانه وكان مشتاقا إلى لقائه، قال: وأوحى الله عز وجل إلى إلياس عليه السلام أن ابرز إلى أخيك الصالح فالقه وجدد العهد به، فبرز وسلّم عليه وصافحه وقال


(١) لم التراخي: التقاعد عن الشيء. "لسان العرب" لابن منظور ١٤/ ٣١٥ (رخا).

<<  <  ج: ص:  >  >>