للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

داود النظر إلى المرأة، ولكنه أعاد النظر إليها فصارت عليه (١).

فهذِه أقاويل السلف من أهل التفسير في قصة امتحان داود عليه السلام (٢).

وقد روي عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: من حدّث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القُصّاص معتقدًا صحته جلدته حدّين لعظيم ما ارتكب وجليل ما احتقب (٣) من الوزر والإثم، يرمي من قد رفع الله عز وجل محلّه وأبانه من خلقه رحمة للعالمين وحجة للمهتدين (٤)! !

فقال القائلون بتنزيه المرسلين في هذِه القصة: إن ذنب داود عليه السلام إنما كان أنه تمنى أن يكون له امرأة أوريا حلالًا له، وحدّث نفسه بذلك فاتفق له غزو أوريا وتقدّمه في الحرب وهلاكه، فلما بلغه قتلُه لم يَجْزَعْ عليه ولم يتوجّع له كما جزع على غيره من جنده إذا هلك، ثم تزوج امرأته، فعاتبه الله على ذلك؛ لأن ذنوب الأنبياء وإن صغرت فهي


(١) "الدر المنثور" للسيوطي ٥/ ٥٦٩ وعزاه لسعيد بن منصور، ولا يزال الجزء الخاص بتفسير سورة ص مخطوطًا. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ٦/ ٣٤٢.
(٢) قلت: تقدم الكلام قريبًا على هذِه الأقاويل في قصة داود عليه السلام مع امرأة أوريا وأن ما ينقله المفسرون هاهنا باطل مأخوذ من الإسرائليات المخالفة للأصول.
(٣) احْتَقَبَ فلان الإثم: أي جَمَعَهُ وحمله خَلْفَهُ.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ١/ ٣٢٥ - ٣٢٦ (حقب).
(٤) ذكره ابن العربي في "أحكام القرآن" ٤/ ١٦٣٩ وقال بعده: (وهذا مما لا يصح عنه). وكذلك ذكره الألوسي في "روح المعاني" ٢٣/ ١٨٦ وقال: إن زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي قال: إن الخبر لم يصح عن علي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>