للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الريح، فخرج إلى تلك المدينة تحمله الريح على ظهر الماء حتى نزل بها جنوده من الجن والإنس فقتل ملكها واستبى (١) ما فيها وأصاب (فيما أصاب) (٢) بنتًا لذلك الملك يقال لها: جرادة، لم يرَ مثلها حسنًا وجمالًا، فاصطفاها لنفسه ودعاها إلى الإسلام فأسلمت على جفاءٍ (٣) منها وقلة فقه، وأحبها حبًا لم يحبه شيئًا من نسائه، وكانت على منزلتها عنده لا يذهب حزنها ولا يرقأ دمعها، فشق ذلك على سليمان فقال لها: ويحك ما هذا الحزن الذي لا يذهب والدمع الذي لا يرقأ؟ ! قالت: إن أبي أذكُره وأذكر ملكه وما كان فيه وما أصابه فيحزنني ذلك، قال سليمان عليه السلام: فقد أبدلك الله به ملكًا هو أعظم من ملكه وسلطانه هو أعظم من سلطانه، وهداك للإسلام وهو خير من ذلك كله. قالت: إن ذلك لك، ولكني إذا ذكرته أصابني ما ترى من الحزن، فلو أنك أمرت الشياطين فصوروا صورته في داري التي أنا فيها أراها بكرة وعشيًا لرجوت أن يُذهب ذلك حزني وأن يُسَلّي عني بعض ما أجد في نفسي، فأمر سليمان الشياطين فقال: مثلوا لها صورة أبيها في دارها حتى لا تنكر منه شيئًا. فمثلوه لها حتى نظرت إلى أبيها إلا أنه لا روح فيه، فعمدت عليه حين صنعوه فأزَّرته وقمّصته وعمّمته وردّته (٤) بمثل ثيابه التي كان يلبس، ثم


(١) في (م) واستقصى وفي (أ) واستفى وما أثبته من (ب) وهو أقرب للصواب.
(٢) ما بين القوسين سقط من (م).
(٣) في (م) (خفاء) بالخاء.
(٤) أي: ألبسته رداءً مثل رداءه الذي كان يلبس.

<<  <  ج: ص:  >  >>