للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَسْوِدة كثيرة حالت بيني وبينه، حتّى ما أسمع صوته، ثمّ طفِقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين.

ففرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الفجر، فانطلق (١) إليَّ، وقال: "أنِمتَ؟ " فقلت: لا والله، ولقد همَمتُ مِراراً أن أستغيث بالناس، حتّى سمِعتُك تَقْرَعُهم بعصاك، تقول: "اجلِسوا"، قال: "لو خرجت لم آمن أن يتخطّفك بعضهم"، ثمّ قال: "هل رأيت شيئاً؟ "، قلت: نعم رأيت رجالاً سوداً مُسْتَثْفِري (٢) (٣) ثِيابٍ بيض، قال: "أولئك جنُّ نصيبين، سألوني (٤) المتاع -والمتاع الزاد- فمتَّعتُهم بكلِّ عظم حابل، وبعرة، وروثة" (٥)، فقالوا: يا رسول الله، يُقَذِّرها الناس علينا، فنهى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُستنجى بالعظم والروث.

قال: فقلت: يا رسول الله وما (٦) يغني ذلك عنهم؟ قال: "إنّهم لا يجدون عظماً إلَّا وجدوا عليه لحمة يوم أُكل، ولا روثة إلَّا وجدوا فيها حبّها يوم أُكلت".

فقلت: يا رسول الله، سمعتُ لَغَطاً شديداً، فقال: "إنَّ الجنّ


(١) في (م): (وانطلق).
(٢) في (م): (المستنفري). وفي (ت): (مستنفزي).
(٣) الاستثفار: هو أنْ يُدْخل الرجلُ ثوبه بين رجْليه كما يَفْعَل الكَلب بذَنَبه. "النهاية" لابن الأثير ١/ ٢١٤.
(٤) في (م): (فسألوني).
(٥) في (م): (وروثة وبعرة).
(٦) في (م): (ما) بدون واو.

<<  <  ج: ص:  >  >>