للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشاعر (١) في ذلك:

حتَّى اسْتَمَرَّتْ على شَزْرٍ مَرِيرَتُهُ ... مُستَحْكِمَ الرأي لا قحمًا ولا ضَرَعا (٢) (٣)

قال الكلبي: وكانت شدته أنه اقتلع قريات قوم لوط عليه السلام، من الماء الأسود، فحملها على جناحه حتى رفعها إلى السماء، وسمع أهل السماء نباح كلابهم وصياح ديكهم ثم قلبها، وكان من شدَّته أيضًا أنَّه أبصر إبليس وهو يكلم عيسى عليه السَّلام، على بعض عقاب الأرض المقدسة، فنفخه بجناحه نفخة ألقاه في جبل بالهند، وكانت من شدَّته أيضًا صيحته بثمود في عددهم وكثرتهم، فأصبحوا جاثمين خامدين وكانت شدته أيضًا هبوطه من السماء على الأنبياء عليهم السلام، وصعوده إليها في أسرع من الطرف (٤).

وقال قطرب: تقول العرب: لكل جزل الرأي حصيف العقل ذو


(١) الشاعر: هو لقيط بن يعمر الإيادي.
(٢) ساقط من (ح).
(٣) "ديوان لقيط" (مستحكم السنِّ): (٨٧)، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٨٦، الشزر: فتل الحبل مما يلي اليسار، وهو أشد لفتله، أمررت الحبل: شددت فتله، والمريرة: من المِرَّة، وهي: إحكام الفتل، كناية عن قوة المرء، القحم: الشيخ الكبير، الضَرع: الضعيف من الرجال أو صغير السن.
وهنا الشاعر يطلب من قومه اختيار زعيم تكون من صفاته أنه قوي الشكيمة متين العزيمة، في سن تجعله يسيطر على الأمور، فلا يكون شيخًا فانيًا ولا ضعيفًا قليل التجربة مستكينًا.
(٤) أورده: الزمخشري ولم ينسبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>