للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجبه، فقال: إنَّك ناديتني وكنت مشتغلًا عنك فما حاجتك؟ قال الأبيض: حاجتي أني أحببتُ أن أكون معك وأتأدَّب بأدبك، وأقتبس من علمك، ونجتمع على العبادة، فتدعو لي وأدعو لك، فقال برصيصا: إني لفي شغل عنك، فإن كنت مؤمنًا فإنَّ الله -عز وجل- سيجعل لك فيما ادعوه للمؤمنين والمؤمنات نصيبًا إن استجاب لي، ثم أقبل على صلاته وترك الأبيض، فأقبل الأبيض أيضًا إلى الصلاة، فلم يلتفت برصيصا إليه أربعين يومًا بعدها، فلما رآه قائمًا يصلي مع كثرة اجتهاده وكثرة تضرعه وعبادته وابتهاله إلى الله -عز وجل- كلَّمه وقال له: ما حاجتك؟ قال: حاجتي أن تأذن لي فارتفع إليك فأذن له فارتفع له في صومعته، فأقام الأبيض معه حولًا يتعبد لا يفطر إلَّا في كل أربعين يومًا يومًا واحدًا، ولا ينفتل عن صلاته إلَّا في كل أربعين يومًا مرةً، وربما مدَّ إلى الثمانين، فلما رأى برصيصا تقاصرت إليه نفسه وأعجبه شأنه، فلما حال الحول قال الأبيض له: إني منطلق وإنَّ لي صاحبًا غيرك (١) ظننت أنَّك أشد اجتهاداً مما أرى، وكان يبلغنا عنك غير (٢) الذي رأيت، قال: فدخل على برصيصا أمرٌ عظيم وكره مفارقته للذي رأى من شدة اجتهاده، فلما ودَّعه، قال له الأبيض: إنَّ عندي دعوات أعلمكها تدعو بهنَّ فهنَّ خير مما أنت فيه، يشفي الله بها السقيم ويُعافي بها المبتلى


(١) في الأصل: عزل. والتصويب من (م).
(٢) في الأصل: وعن. والتصويب من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>