للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: فلمَّا أمسى هاروت وماروت بعدَ مَا قارَفا الذنب همَّا بالصعود إلى السماء فلم تطاوعهما أجنحتهما، فعلِمَا ما حلَّ بهما، فقصدا إدريس النبي عليه السلام وأخبراه بأمرهما، وسألاه أن يشفع لهما إلى الله عز وجل، وقالا له (١): إنا رأيناك يصعد لك من العبادة مثل ما يصعد لجميع أهل الأرض، فاستشفع لنا إلى ربك، ففعل ذلك إدريس عليه السلام فخيَّرهما الله عز وجل بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، إذ علما أنَّه ينقطع، فهما ببابل يُعذَّبان (٢).


= الكوكب الذي نراه صغيرًا في عين الناظر، قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضيَّة بالآلاف المؤلفة من الأضعاف، فأنَّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذِه الأجرام الفلكَّية الهائلة.
كما قال ذلك أحمد شاكر رحمه الله في حاشيته على "المسند" للإمام أحمد ٩/ ٢٩ (٦١٧٨).
والحقيقة أنَّ القصَّة لا تُدفع بمثل هذا، أي بسبب عدم تقبُّل العقل لها؛ لأنَّ الخالق جل وعلا قدير على كل شيء، وقدرته لا حدود لها، وهو سبحانه لا يعجزه أن يجعل الذرة في أي حجم شاء.
ولذا فالقصة تُدفع بما فيها من قدحٍ في عصمة الملائكة. والله سبحانه أعلم.
انظر: حاشية الحميِّد على "سنن سعيد بن منصور" ٢/ ٥٩٤.
(١) ساقطة من (ت).
(٢) "معالم التنزيل" للبغوي ١/ ١٣٠ - ١٣١، "لباب التأويل" للخازن ١/ ٩٠، والمصادر المذكورة في أول القصة.
قال فخر الدين الرَّازي: قولهم: إنَّهما خُيِّرا بين عذاب الدنيا وبين عذاب الآخرة فاسد، بل كان الأولى أن يُخيَّرا بين التوبة والعذاب، لأنَّ الله تعالى خيَّر بينهما من أشرك به طول عمره. . . . "التفسير" ٣/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>