للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما انصرف رسول الله أدركه أبي بن خلف الجمحي وهو يقول: لا نجوت إن نجوت، فقال القوم: يا رسول الله: ألا يعطف عليه رجل منا، فقال: دعوه حتى إذا دنا منه -وكان أبي قبل ذلك يلقى رسول الله فيقول: عندي رمكة (١) أعلفها كل يوم فرق ذرة (٢) أقتلك عليها، فيقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنا أقتلك إن شاء الله" فلما كان يوم أحد ودنا منه تناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة رضي الله عنه، ثم استقبله فطعنه في عنقه وخدشه خدشة فتدهده (٣) عن فرسه وهو يخور كما يخور الثور، ويقول: قتلني محمد.

فاحتمله أصحابه وقالوا: ليس عليك بأس، قال: بلى لو كانت هذِه الطعنة بربيعة، ومضر لقتلتهم، أليس قال لي: أنا أقتلك، فلو بزق عليّ بعد تلك المقالة لقتلني، فلم يلبث إلا يومًا حتى مات بموضع يقال له: سَرِف (٤)، فقال حسان بن ثابت رضي الله عنه في


= وانظر: "المغازي" للواقدي ١/ ٢٤٢، "دلائل النبوة" للبيهقي ٣/ ٢٥١ - ٢٥٣، "البداية والنهاية" لابن كثير ٤/ ٣٣ - ٣٤.
(١) الرمكة: الفرس والبرذونة التي تتخذ للنسل، معرب.
انظر: "المعرب" للمطرزي (ص ٣٣٣)، "لسان العرب" لابن منظور ١٠/ ٤٣٤ (رمك) وفي "السيرة النبوية" لابن هشام ٣/ ٨٤ (باسم: العوذ).
(٢) الفرق -بالتحريك- مكيال يسع ستة عشر رطلا. انظر: "المحيط في اللغة" لإسماعيل بن عباد ٥/ ٣٩٥ (فرق) و"أساس البلاغة" للزمخشري ١/ ٤٧٣.
(٣) أي: تدحرج، يقال: دهديت الحجر ودهدهته إذا تدحرج. انظر: "غريب الحديث" للهروي ١/ ٢٢٣، وفي "السيرة النبوية" ٣/ ٨٤ (تدأدأ) والمعنى واحد.
(٤) سَرِف: بفتح أوله وكسر ثانية -هو موضع على ستة أميال من مكة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>