للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومصداق ذلك في كتاب الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الآية، وإن كان عبدًا شقيًا، قالت الملائكة: إلهنا، فنيت حسناته، وبقيت سيئاته، وبقي طالبون كثير. فيقول الله عز وجل: خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته، ثم صكوا له صكًا إلى النَّار (١).

فمعنى الآية على هذا، التأويل: أن الله لا يظلم مثقال ذرة للخصم على الخصم بأن يأخذ له منه، ولا يظلم مثقال ذرة تبقى للخصم، بل يثيبه عليها، ويضعفها له، فذلك قوله عز وجل: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}، قراءة العامة: {حَسَنَةً} بالنصب، على معنى: وإن تك زنة الذرة حسنة، وقرأها أهل الحجاز (٢) رفعًا، بمعنى: وإن تقع حسنة، أو إن توجد حسنة.

قال المبرد: معناه: وإن تك حسنة باقية يضاعفها.

وقرأ الحسن: (نضاعفها) بالنُّون (٣)، الباقون بالياء، وهو الصحيح


(١) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٥/ ٨٩ - ٩٠، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٩٥٤.
قال ابن كثير -بعد أن ساق الأثر: ولبعض هذا الأثر شاهد في الحديث الصحيح. وقد تقدم ذكر ذلك.
(٢) يريد أَبا جعفر، ونافعًا، وابن كثير.
انظر: "المبسوط في القراءات العشر" لابن مهران الأَصْبهانِيّ (ص ١٥٧)، "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري ٢/ ٢٥٠.
وانظر: في توجيه القراءتين في "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي ١/ ٣٨٩.
(٣) وهي قراءة شاذة ذكرها القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ١٩٥، وذكر ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٢/ ٥٤، والدمياطي في "إتحاف فضلاء البشر" ١/ ٥١٢، وعبد الفتاح القاضي في "القراءات الشاذة" (ص ٤١) أن الحسن قرأ =

<<  <  ج: ص:  >  >>