للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سفيان فأحسن مثواه، ونزلت اليهود في دور قريش، فقال أهل مكة: إنكم أهل كتاب، ومحمد صاحب كتاب، ولا نأمن من أن يكون هذا مكرًا منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين، وآمن بهما. ففعل، فذلك قوله تعالى: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}، ثم قال كعب لأهل مكة: ليجيء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون، فنلزق أكبادنا بالكعبة، فنعاهد رب هذا البيت لنجهدن على قتال محمد. ففعلوا ذلك، فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب: إنك امرؤ تقرأ القرآن (١)، وتعلم، ونحن أميون لا نعلم، فأينا أهدى طريقًا، وأقرب إلى الحق، نحن أم محمد؟ قال كعب: اعرضوا على دينكم. فقال أبو سفيان: نحن ننحر للحجيج الكوماء (٢)، ونسقيهم الماء، ونقري الضيف، ونفك المعاني، ونصل الرحم، ونعمر بيت ربنا، ونطوف به، ونحن أهل الحرم، ومحمد فارق دين آبائه، وقطع الرحم، وفارق الحرم، وديننا القديم، ودين محمَّد الحديث. فقال كعب: أنتم والله أهدى سبيلًا مما عليه محمد. فأنزل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} (٣)، يعني: كعباً وأصحابه، {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ


(١) في (م)، (ت): الكتاب.
(٢) أي الناقة العظيمة السنام، العاليته.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ١٢/ ٥٢٩ (كوم).
(٣) أخرج ذلك عبد الرزاق في "تفسير القرآن" ١/ ١٦٤، والطبري في "جامع البيان" ٥/ ١٣٤، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٩٧٦، من رواية عكرمة، والسدي وأبي مالك. والمصنف خلط بين رواياتهم، بدون تمييز. =

<<  <  ج: ص:  >  >>