للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه، فقال المنافقون منهم: انطلقوا إلى أبي بردة الكاهن الأسلمي. فقال المسلمون من الفريقين: لا، بل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأبى المنافقون، وانطلقوا إلى أبي بردة، ليحكم بينهم، فقال: أعظموا اللقمة -يعني: الخطر (١) - فقالوا: لك عشرة أوسق. قال: لا، بل مائة وسق ديتي، فإني أخاف إن نفَّرت (٢) النضيري قتلتني قريظة، أو أنفر قريظة قتلتني النضير. فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوسق، وأبى أن يحكم بينهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأنزل قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (٣)، وقوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (٤)، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - كاهن أسلم إلى الإسلام، فأبى، وانصرف، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابنيه: "أدركا أباكما فرداه، فإنه إن جاز عقبة كذا لم يسلم أبدًا"، فأدركاه، فلم


= وذكر الحكيم الترمذي القصة كاملة في "نوادر الأصول" (ص ٥٩).
(١) يعني: المال الذي جعل رهنا بين المتراهنين، يقال: أخطر المال -أي: جعله خطرًا بين المتراهنين. انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٤/ ٢٥١ (خطر)، وانظر: تعليق الأستاذ محمود شاكر رحمه الله في "جامع البيان" للطبري ٨/ ٥١١، قال: وسماه اللقمة، مجازًا.
(٢) أي: حكمت له بالغلبة، وهو من المنافرة، وهى: أن يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يحكما بينهما رجلًا.
انظر: "لسان العرب" لابن منظور ٩/ ٢٢٦ (نفر).
(٣) البقرة: ١٧٨.
(٤) المائدة: ٤٥. أخرج هذا القدر الطبري في "جامع البيان" ٥/ ١٥٣، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٩٩١، وذكر القصة كاملة الواحدي في "أسباب النزول" (ص ١٦٦ - ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>