للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن تعلقت الخوارج والمعتزلة بهذه الآية، وقالوا: إن المؤمن إذا قتل مؤمناً متعمداً يبقى في النار مؤبداً؛ لأن الله تعالى قال: {خَالِدًا فِيهَا}، يقال لهم: إن هذه الآية نزلت في كافر قتل مؤمناً متعمداً وقد ذكرنا القصة فيه، وسياق الآية (١)، ورواية (٢) المفسرين تدل عليه، على أنا إن سلمنا أنها نزلت في مؤمن قتل مؤمناً متعمداً فإنا نقول لهم: لم (٣) قلتم إن الخلود هو التأبيد؟ ! خبرونا (٤) عن قول الله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} (٥) فما معنى الخلد ها هنا في الدنيا؟ أفتقولون: إنه أراد به التأبيد، والدنيا تزول وتفنى؟ ومثله قوله: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}، ومثله قوله: {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)} (٦) إنما يعني: في الدنيا، أفتقولون: إنه أراد به التأبيد؟

فإن قالوا: لا. ولا بد منه، فيقال لهم: فقد ثبت أن معنى الخلود غير معنى التأبيد، وكذلك تقول العرب: لأخلدن فلانا في السجن. أفتقولون: إنه أراد به التأبيد، والسجن ينقطع ويفنى؟ وكذلك المسجون إما (٧) أن يموت، أو يخرج منه (٨).


(١) بعدها في (ت): يدل عليه.
(٢) في (م)، (ت): وروايات.
(٣) في (ت): إذا.
(٤) في (ت): فأخبرونا.
(٥) الأنبياء: ٣٤.
(٦) الهمزة: ٣.
(٧) في (م): إنما.
(٨) في (ت): عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>