للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت نار بيضاء من السماء فأكلتها، وإذا لم تكن مقبولة لم تنزل النار، وأكلتها الطير والسباع، فخرجا ليقربا، وكان قابيل صاحب زرع، فقرب صبرة من طعام، من أردأ زرعه، وأضمر في نفسه: لا أبالي، أيقبل مني أم لا؟ لا يتزوج أختي أبدا.

وكان هابيل راعيًا، صاحب ماشية فقرب حملًا سمينًا، من خير غنمه ولبنًا وزبدًا، وأضمر في نفسه الرضا لله (١).

وقال إسماعيل بن رافع: بلغني أن هابيل نتج له حمل في غنمه، فأحبه حتى لم يكن له مال أحب إليه منه، وكان يحمله على ظهره، فلما أمر بالقربان قربه (٢).

قالوا: فوضعا قربانيهما على الجبل، ثم دعا آدم عليه السلام فنزلت نار من السماء، فأكلت الحمل، والزبد، واللبن، ولم تأكل من قربان قابيل حبًّا؛ لأنه لم يكن زاكي القلب، وقبل قربان هابيل؛ لأنه كان زاكي القلب، فما زال يرتع في الجنة، حتى فدي به ابن إبراهيم عليه السلام، فذلك قوله {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَر}، فنزلوا عن الجبل، وتفرقوا، وقد غضب قابيل لما رد الله قربانه، وظهر فيه


(١) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٦/ ١٨٧ عن ابن عباس بمعناه، وليس فيه ذكر العمل واللبن والزبد، ولا ما أضمره كلاهما.
(٢) أخرجه عنه الطبري في "جامع البيان" ٦/ ١٨٦، وتكملته: فما زال يرتع في الجنة، حتى فدى به إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وهذِه التكملة أوردها الثعلبي بعد أسطر، مما يدل على أنه يخلط بين الروايات، ولا يميزها.

<<  <  ج: ص:  >  >>