للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينهم، فلبثت أربعين صباحًا، تنزل ضحى، فلا تزال منصوبة يؤكل منها، حتى إذا فاء الفيء طارت صعدًا، وهم ينظرون في ظلها حتى توارت عنهم، وكانت تنزل غبًا، تنزل يومًا، ولا تنزل يومًا، كناقة ثمود، فأوحى الله إلى عيسى: اجعل مائدتي ورزقي للفقراء دون الأغنياء، فعظم ذلك على الأغنياء حتى شكوا، وشككوا الناس فيها، وقالوا: أترون المائدة حقّا تنزل من السماء؟ فقال عيسى لهم: هلكتم، تشمروا لعذاب الله، فأوحى الله تعالى إلى عيسى -عليه السلام- أني شرطت على المكذبين شرطًا أن من كفر بعد نزولها عذبته عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين.

فقال عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} فمسخ منهم ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون رجلًا باتوا من ليلتهم على فرشهم من نسائهم في ديارهم فأصبحوا خنازير، يسعون في الطرقات والكناسات، ويأكلون العذرة في الحشوش، فلما رأى الناس ذلك فزعوا إلى عيسى وبكوا، وبكى على الممسوخين أهلوهم، فلما أبصرت الخنازير عيسى -عليه السلام- بكت وجعلت تطيف بعيسى، وجعل عيسى يدعوهم بأسمائهم واحدًا، واحدًا فيبكون ويشيرون برؤوسهم، ولا يقدرون على الكلام، فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا (١).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ١٢٤٦، وأبو الشيخ في "العظمة" ٥/ ١٥٣٤ (٩٩).
وقد كان الأولى بالمصنف رحمه الله أن يصون تفسيره عن مثل هذِه الأخبار =

<<  <  ج: ص:  >  >>