للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخرى، فقال عيسى: يا سمكة، أحيي بإذن الله، فاضطربت السمكة وعاد عليها فلوسها وشوكها، ففزعوا منها، فقال عيسى: ما لكم تسألون أشياء إذا أعطيتموها كرهتموها؟ ما أخوفني عليكم أن تعذبوا، يا سمكة، عودي كما كنت بإذن الله، فعادت السمكة مشوية كما كانت.

قالوا: يا روح الله، كن أول من يأكل منها، ثم نأكل نحن، فقال عيسى معاذ الله أن آكل منها، ولكن يأكل منها من سألها، فخافوا أن يأكلوا منها، فدعا لها عيسى أهل الفاقة والمرض، وأهل البرص، والجذام، والمقعدين، والمبتلين، فقال: كلوا من رزق الله، ولكم المَهْنَأ ولغيركم البلاء، فأكلوا وصدروا عنها ألف وثلثمائة رجل وامرأة من فقير وزمن (١)، ومريض ومبتلى، كلهم شبعان يتجشأ، ثم نظر عيسى إلى السمكة، فإذا هي كهيئتها حين نزلت من السماء، ثم طارت المائدة صعدًا، وهم ينظرون إليها، حتى توارت عنهم، فلم يأكل يومئذ منها زمن إلا صح، ولا مريض إلا برأ، ولا مبتلى إلا عوفي، ولا فقير إلا استغنى ولم يزل غنيًّا حتى مات، وندم الحواريون ومن لم يأكل منها.

وكانت إذا نزلت اجتمع الأغنياء والفقراء والصغار والكبار والرجال والنساء يزدحمون عليها، فلما رأى ذلك عيسى جعلها نوبة


(١) أي: مبتلى، والزمانة العاهة.
"لسان العرب" لابن منظور (زمن).

<<  <  ج: ص:  >  >>