للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتوبة العباد، وتكثر المعاصي في الأرض، ويذهب المعروف، فلا يأمُرُ به أحد، ويفشو المنكر، فلا يَنْهَى عنه أحد، فإذا فعلوا ذلك حُبِست الشمس مقدار ليلة تحت العرش، كلما سجدت، وتستأذن (١) ربها من أين تطلع؟ لم يُحر إليها جواب، حتَّى يوافيها القمر فيسجد معها، وتستأذن من أين تطلع فلا يُحَار إليهما جواب، حتّى يحبسا مقدار ثلاث ليال للشمس وليلتيْن للقمر، فلا يعرف طول تلك الليلة إلاَّ المتهجِّدون في الأرض، وهم يومئذٍ عصابة قليلة في كل بلدة من بلاد المسلمين، في هوان (من الناس) (٢) وَذِلَّةٍ من أنفسهم، فينام أحدهم تلك الليلة قدْرَ ما كان ينام قبلها من الليالي، ثمَّ يقوم فيتوضّأ ويدخل مَصَلاَّه فيصلِّي وِرْدَه، فلا يُصُبِح نحو ما كان يصبح كلّ ليلة، فينكر ذلك، ويخرج، فينظر إلى السماء، فإذا هو بالليل مكانه والنجوم قد استدارت مع السماء، فصارت إلى أماكنها من أول الليل، فينكر ذلك، ويظن فيها الظنون، فيقول: أخففت قراءتي، أو قصرت صلاتي، أم قمت قبل حيني؟ قال: ثمَّ يقوم، فيعود إلى مصلاَّه، فيصلِّي نحو صلاته الليلة الثانية، ثمَّ ينظر، فلا يرى الصبح، فيخرج أيضًا، فإذا هو بالليل مكانه؛ فيزيده ذلك إنكارًا، ويخالطه الخوف، ويظن في ذلك الظنون من السوء، ثمَّ يقول: فلعلِّي قصَّرت صلاتي أم خفَّفت قراءتي أم قمت في أوَّل


(١) هكذا في (ت) وجاء في الأصل: تستأذن وتطلع تجار.
(٢) من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>