للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحجاج، وأُميّة بن خلف، فاعترضهم إبليس في صورة شيخ، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: أنا شيخ من نجد سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضر معكم، ولن تعدموا مني رأيا ونصحا، قالوا: أُدُخل فدخل. فقال أبو البختري: أمّا أنا فأرى أن تأخذوا محمدا وتحبسوه في بيت، وتُشدِدوا وثاقه وتَسُدُّوا عليه باب البيت غير كُوَّة تلقون إليه طعامه وشرابه، وتتربصون به ريب المنون حتى يهلك فيه كما هلك من كان قبله من الشعراء: زهير والنابغة، وإنّما هو كأحدهم. فصرخ عدو الله إبليس الشيخ النجدي وقال: بئس الرأي رأيتم، تعمدون إلى رجل له فيكم آصرة، وقد سمع به مَنْ حولكم تحبسونه، فيوشك صَفُوه أن يثبوا عليكم، ويقاتلوكم عنه حتّى يأخذوه (من أيديكم) (١) ويمنعوه منكم، قالوا: صدق الشيخ. فقال هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي: أمّا أنا فأرى أن تحملوه على بعير، فتخرجوه من بين أظهركم، فلا يضركم ما صنع، وأين وقع إذا غاب عنكم، واسترحتم (وفرغنا منه، وأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت) (٢)، وكان أمره في غيركم. فقال إبليس: بئس الرأي رأيتم؛ تعمدون إلى رجل قد أفسد سفهاءكم فتخرجونه إلى غيركم، فيفسدهم كما أفسدكم، ألم تروا حلاوة قوله، وطلاوة لسانه، وأخذ القلوب ما يسمع من حديثه؟ والله لئن فعلتم، ثمّ استعرض العرب


(١) من (س).
(٢) من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>