للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتجتمعن عليه، ثم ليأتين إليكم فيخرجكم من بلادكم، ويقتل أشرافكم. قالوا: صدق والله الشيخ. فقال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم برأي ما أرى غيره، إني أرى أن تأخذوا من كل بطن من قريش غلامًا وسيطًا، ثمّ يُعطى كل واحد منهم سيفًا صارمًا، ثمّ يضربوه ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرق دمّه في القبائل كلّها، ولا أظن هذا الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش كلّها، وإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل، فتؤدّي قريش ديته واسترحنا، فقال إبليس: صدق هذا الفتى، وهو أجودكم رأيًا، القول ما قال، لا رأي غيره، فتفرقوا على قول أبي جهل وهم مجمعون له، فأتى جبريل عليه السلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بذلك، وأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه، وأذِن الله تعالى له عند ذلك بالخروج إلى المدينة، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - فنام في مضجعه، وقال: تسجَّ ببردي فإنّه لن يخلص إليك منهم أمر تكرهه، ثمّ خرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فأخذ قبضة من تراب، فأخذ الله أبصارهم عنه، وجعل يثير التراب على رؤوسهم، وهو يقرأ {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} إلى قوله: {فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} (١) ومضى إلى الغار من ثور (٢)، فدخله هو وأبو بكر، وخلّف عليّا بمكّة حتّى يؤدّي عنه الودائع التي قبله، وكانت الودائع توضع عنده لصدقه


(١) يس: ٨ - ٩
(٢) جَبَل ثَوْر: جبل يقع جنوب مكة، وهو جبل عال يُرى من جميع نواحيها المرتفعة، وهو اليوم داخل حدود النطاق العمراني لمكة حفظها الله.
انظر: "معجم المعالم الجغرافية" لعاتق البلادي (ص ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>