للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السلام، وكانت العرب أصحاب حروب وغارات، فشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر حُرُم متوالية لا يغزون فيها شيئًا (١)، وقالوا: لئن توالت علينا ثلاثة أشهر حرم لا نصيب فيها شيئًا لنهلكن، وإنما نصيب على ظهور دوابنا، وربما احتاجوا مع ذلك إلى تحليل المحرّم أو غيره من الأشهر الحرم بحرب تكون بينهم، فيكرهون استحلاله، ويكرهون تأخير حربهم، فنسؤوا؛ أي أخروا تحريم ذلك الشهر إلى الشهر الذي يليه، وكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، فيحرمونه ويستحلون المحرّم، وكانوا يمكثون بذلك زمانًا يحرمون صفرًا وهم يريدون به المحرم، ويقولون هذا أحد الصَّفَرين.

وقد تأول بعض الناس قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولا صفر" (٢) على هذا،


(١) في (ت): لا يغيرون فيها.
(٢) إشارة إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في الطب، باب لا هامة (٥٧٥٧) ومسلم في السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا .. (٢٢٢٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر".
بوّب الإِمام البخاري في "صحيحه" كما في "فتح الباري" ١٠/ ١٧١: باب لا صَفَر، وهو داء يأخذ البطن.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ١٠/ ١٧١ بتصرف: كذا جزم بتفسير الصفر، وهو بفتحتين، وقد نقل أبو عبيدة عن يونس الجرمي أنه سأل رؤبة بن العجاج فقال: هي حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس، وهي أعدى من الجرب عند العرب، ورجح عند البخاري هذا القول لكونه قرن في الحديث بالعدوى.
وقال السيوطي في "الديباج" ٥/ ٢٣٦: ولا صفر فيه تأويلان: أحدهما: أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>