للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحلِفا عند المنبر، فقام الجُلاس عند المنبر بعد العصر، فحلف بالله الذي لا إله إلَّا هو ما قاله؛ ولقد كذب عليَّ عامر، ثم قام عامر - رضي الله عنه - فحلف بالله الذي لا إله إلَّا هو لقد قاله وما كذبت عليه، ثم رفع عامر - رضي الله عنه - يديه إلى السماء فقال: اللهم أنزل على نبيك الصادق منّا الصِّدْق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون: "آمين"، فنزل جبريل عليه السلام على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتفرّقا بهذِه الآية حتَّى بلغ هذِه الآية {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} فقام الجلاس فقال: يَا رسول الله؛ أسمعُ الله قد عرض عليّ التوبة، صدق عامر بن قيس فيما قال لك وقد قلته، وأنا استغفر الله وأتوب إليه، فقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك منه، ثم تاب وحسنت توبته - رضي الله عنه - (١).

وقال قتادة: ذُكِر لنا أن رجلين اقتتلا، رجل من جهينة، ورجل من غفار، وكانت جهينةُ حلفاءَ الأنصارِ، وظَهَرَ الغفاري على الجهني، فنادى عبد الله بن أُبيّ -قاتله الله- يا بني الأوس انصروا أخاكم، فوالله مَا مَثُلنا ومَثَلُ محمدٍ إلَّا كما قال القائل: سَمِّن كلبك يأكلك (٢)، ثم قال قاتله الله: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز


(١) ذكره البَغَوِيّ في "معالم التنزيل" ٤/ ٧٤ - ٧٥، والنيسابوري في "معاني القرآن" ١/ ٣١٠.
وقد تقدم نحوه في سبب نزول قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}.
وأخرج الطبري في "جامع البيان" ١٠/ ١٨٥ خبر توبة الجلاس، من طريقين عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أَبيه.
(٢) المثل في "مجمع الأمثال" للميداني ٢/ ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>