للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القصة، وسألته عن معنى الخبر، فقال: أنا كديدان الخلّ في الخلّ منذ سمعت هذا الحديث، وإني خائف عليك وعلى نفسي من هذِه الخصال، ولقد قاسيتَ وعانيتَ سفرًا طويلًا وبلايا، فعليك بالحسن البَصْرِيّ فإنِّي أرجو أن تجد عنده لي ولك وللمسلمين فرجًا، فأتيت البصرة (١) وطلبت الحسن رحمه الله، وقصصت عليه القصة بطولها، فقال: رحم الله شهرًا وسعيدًا؛ بلغهما نصف الخبر ولم يَبْلغهما النصف الآخر (٢)، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا قال هذا الخبر شغل قلوب صحابته مَلِيًّا، وهابوه أن يسألوه، فأتوا فاطمة رضي الله عنها، وذكروا لها شُغْل قلوبهم بالخبر، فأتت فاطمة رضي الله عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بشغل قلوب أصحابه، فأمر سلمان - رضي الله عنه - فنادى: الصلاة جامعة، فلما اجتمعوا صعد المنبر وقال: "يَا أيها النَّاس، أما إنِّي كنت قلت لكم: ثلاث من كنّ فيه فهو منافق: إذا حدّث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف، ما عنيتُكم بِهِنَّ (٣) أنما عنيتُ المنافقين، أمّا قولي: إذا حدّث كذب فإن المنافقين أتوني وقالوا لي: والله إن إيماننا كإيمانك؛ وتصديق قلوبنا كتصديق قلبك؛ فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)} (٤)، وأما


(١) البصرة: مدينة عظيمة مشهورة من مدن العراق. "معجم البلدان" لياقوت ١/ ٥١٠.
(٢) من (ت).
(٣) في (ت): بهذا الحديث.
(٤) المنافقون: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>