وقد لخص ابن الجوزي هذا الكلام تلخيصًا سهلًا حيث قال مرجحًا معنى عمى القلب: فإن قيل: لم قال {فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى} ولم يقل: أشد عمى؛ لأن العمي خلقة بمنزلة الحمرة والزرقة، والعرب تقول: ما أشد سواد زيد وما أبين زرقة عمرو، وقلما يقولون: ما أسود زيدًا وما أزرق عمرًا! فالجواب: أن المراد بهذا العمي عمى القلب، وذلك يتزايد ويحدث منه شيء بعد شيء، فيخالف الخلق اللازمة التي لا تزيد نحو عمى العين والبياض والحمرة، ذكره ابن الأنباري "زاد المسير" ٥/ ٦٧. ولعل مثل هذا الاستشكال من إتباع الهوى وتحكم عقلية النحاة الكوفيين على كلام الخالق الجليل، وبمثل هذا ضل المتكلمون حينما حكموا العقول فأنكروا صفات الباري واستشكلوا كلام الله الذي أنطق كل شيء حتى الجماد، وكيف البياض والحمرة لا تزيد مع أنه يقال كثيرًا: أحمر فاتح وأحمر فاقع، كما يقال: أحمر قان، وأخضر ناضر وأسود حالك وأصفر فاقع، وكم ذكر الله تعالى أفعل بغير (من) فقال الله تعالى: {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا} [الجن: ٢٤] وكذلك {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [سبأ: ٣٥] وكذلك {وَأَكْثَرُ جَمْعًا} [القصص: ٧٨]. ووقع في (أ): بسام الناقد، وفي (ز): بسام الناقط، والمثبت من "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٢٨. (١) هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك، البكري الوائلي، وطرفة لقب، واسمه عمرو.