للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى تأتيها وتأتي بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وأيم الله لو فعلت ذلك لظننت أني لا أصدقك، ثم انصرف، وانصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أبو جهل حين قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا معشر قريش! إن محمدًا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وسب آلهتنا، وأني أعاهد الله لأجلس له غدًا بحجر قدر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته رضخت رأسه به (١)، وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهله حزينًا لما فاته من متابعة قومه، ولما رأى من مباعدتهم فأنزل الله -عز وجل-: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا}.

قرأ أهل الكوفة: {تَفْجُرَ} خفيفة بفتح التاء وضم الجيم واختاره


(١) بقية المؤامرة: فأسلموني عند ذلك أو امنعوني، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم، قالوا: والله لا نسلمك لشيء أبدا، فامض لما تريد، فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرًا -كما وصف- ثم جلس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينتظره، وغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كان يغدو، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة وقبلته إلى الشام، فكان إذا صلى بين الركن اليماني والحجر الأسود وجعل الكعبة بينه وبين الشام، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل؟ فلما سجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع منهزمًا منتقعًا لونه مرعوبًا قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا له: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، لا والله ما رأيت مثل هامته ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهمّ بي أن يأكلني. قال ابن إسحاق: فذكر لي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ذلك جبريل -عليه السلام- لو دنا لأخذه". "السيرة النبوية" لابن هشام ١/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>