للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال وهب: فغبروا بعد ما سد عليهم باب الكهف زمانًا بعد زمان ثم إن راعيًا أدركه المطر عند الكهف، فقال: لو فتحت هذا الكهف فأدخلت فيه غنمي (من المطر) (١) فلم يزل يعالجه حتَّى فتح، ورد الله تعالى عليهم أرواحهم من الغد حين أصبحوا.

قال محمد بن إسحاق: ثم ملك أهلَ تلك البلاد رجلٌ صالح يقال له: "تندوسيس" فلما ملك بقي في ملكه ثمانيًا وثلاثين سنة، فتحزب الناس في ملكه أحزابًا، فمنهم من يؤمن بالله تعالى ويعلم أن الساعة حق، ومنهم من يكذب بها، فكبر ذلك على الملك الصالح وبكى إلى الله تعالى وتضرع إليه وحزن حزنًا شديدًا لما رأى أهل الباطل يزيدون ويظهرون على أهل الحق، ويقولون: لا حياة إلا الحياة الدنيا، وإنما تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد، فأما الجسد فتأكله الأرض. ونسوا ما في الكتاب، فجعل "تندوسيس" يرسل إلى من يظن فيه خيرًا وأنهم أئمة في الحق، فجعلوا يكذبون بالساعة حتَّى كادوا أن يحولوا الناس عن الحق وملة الحواريين، فلما رأى ذلك الملك الصالح "تندوسيس" دخل بيته فأغلقه عليه ولبس مسحًا (٢)، وجعل تحته رمادًا ثم جلس عليه فدأب ليلًا ونهارًا (٣) يتضرع إلى الله سبحانه ويبكي مما يرى فيه الناس.


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) المسْح: الكساء من الشعر، والجمع القليل: أمساح، والكثير: مُسُوح. "لسان العرب" لابن منظور ٢/ ٥٩٦ (مسح).
(٣) في غير الأصل: ونهارًا زمانًا يتضرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>