للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال له بعض من حوله: هذا رجل مجنون. وقال بعضهم: ليس بمجنون، ولكنه يحمق نفسه عمدًا حتَّى (١) يتفلت منكم. فقال له أحدهما ونظر إليه نظرًا شديدًا: أتظن أنا نرسلك ونصدقك بأن هذا مال أبيك ونقش هذا الورق وضربها أكثر من ثلاثمائة سنة، وإنما أنت غلام شاب! تظن أنك تأفكنا وتسخر بنا، ونحن شمط (٢) كما ترى! وترى حولك سراة أهل المدينة وولاة أمرها وخزائن هذِه البلدة بأيدينا وليس عندنا من هذا الضرب درهم ولا دينار، وإني لأظنني سآمر بك فتعذب عذابًا شديدًا ثم أوثقك حتَّى تعترف بهذا الكنز الَّذي وجدت. فلما قال له ذلك قال تمليخا: أنبئوني عن شيء أسألكم عنه، فإن فعلتم صدقتكم عما عندي. قالوا: سل، لا نكتمك شيئًا. قال: ما فعل الملك دقيانوس؟ قالا له: ليس نعرف اليوم علي وجه الأرض ملك يسمى دقيانوس، ولم يكن إلا ملكا قد هلك منذ زمان ودهر طويل، وقد هلكت بعده قرون كثيرة. فقال له تمليخا: فوالله ما هو بمصدقي أحد من الناس بما أقول، لقد كنا فتية الملك، وإنه (٣) أكرهنا علي عبادة الأوثان والذبح للطواغيت، فهربنا منه عشية أمس، فنمنا، فلما انتبهنا خرجت لأشتري


(١) في (ب): لكي.
(٢) شُمطٌ: الشين والميم والطاء أصل يدل على الخُلطة، ومنه الشَمَط وهو اختلاط الشيب بسواد الشباب. "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس ٣/ ٢١٤، "لسان العرب" لابن منظور ٧/ ٣٣٥ (شمط).
(٣) في (ب): وإن الملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>