ثانياً: يجاب عنه كذلك بما نقله السيوطي عن ابن أشتة وابن جبارة: بأن المراد من قولها (غلط وخطأ من الكاتب) أي: في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه، وليس المراد بأن ما كتبوا خطأ لا يجوز، ويدل عليه أن ما لا يجوز فهو مردود بالإجماع وإن طالت مدة وقوعه. انظر: "الإتقان" للسيوطي ٤/ ١٢٤٦. وأما ما نقل عن عثمان فإنَّه ممتنع من وجوه: أولاً: لضعف وانقطاع الروايات الواردة عنه كما سبق بيانها في التخريج. ثانياً: أن عثمان لم يجمع المصحف ويكتب المصحف الإمام إلا بغرض جمع الناس على القراءة بحرف واحد، ولو ترك اللحن والخطأ في كتابة المصحف لوقع فيما خاف منه وهو اختلاف الأمة في قراءة القرآن ومن ثمَّ وقوع التناحر والاختلاف في صفوف الأمة، ولا سيما والمصحف سوف يقرأه العربي والأعجمي، وكيف لهؤلاء الذي يجيئون من بعد الصحابة أن يعرفوا هذا اللحن والخطأ، وإن عرفوه فكيف يعرفون وجه الصواب. وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وهذا مما يبين غلط من قال في بعض الألفاظ إنه غلط من الكاتب أو نقل ذلك عن عثمان فإن هذا ممتنع لوجوه: الأول: تعدد المصاحف واجتماع جماعة على كل مصحف، ثمَّ وصول كل مصحف إلى بلد فيه كثير من الصحابة والتابعين الذين يقرؤون القرآن ويعتبرون ذلك بحفظهم، ولو قدر أن الصحيفة كان فيها لحن فقد كتب منها جماعة لا يكتبون إلا بلسان قريش ولم يكن لحناً. فامتنعوا أن يكتبوه إلا بلسان قريش فكيف يتفقون كلهم على أن يكتبوا {إنَّ =