والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي يتزين بها ولو كانت هذِه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة. وأما ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما فإنه يحمل كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية"رسالة في حجاب المرأة ولباسها في الصلاة" (ص ١٩): على أن ابن عباس ذكر أول الأمرين، وابن مسعود ذكر آخر الأمرين يعني: أن ابن مسعود ذكر ما استقر عليه الأمر وابن عباس لما ذكر أنها الوجه واليدان ذكر ما كان عليه الأمر قبل ذلك. وله وجه آخر وهو أن تمام كلام ابن عباس: فهذِه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها، فهو مقيد في بيتها لكن الكثير ينقلون الشق الأول دون تمامه. فما نسب إلى ابن عباس بأن المراد من قوله (منها) الوجه والكفان ليس على إطلاقه وإنما هو مقيد في بيتها لمن دخل من الناس عليها ويؤيد هذا التوجيه تفسير ابن عباس لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} أنه قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلاليب وتبين عينًا واحدة. أخرجه الطبري في "جامع البيان" عنه، والله أعلم. انظر: "تفسير ابن فورك" ٣/ ١٢/ أ، "الدر المنثور" للسيوطي ٥/ ٧٥، "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٥٢٢، "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١٠/ ٢١٧، "أضواء البيان" للشنقيطي ٦/ ١٩٩، "جامع البيان" للطبري ١٨/ ١١٩، "أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٣١٥، "أحكام القرآن" لابن العربي ٣/ ١٣٦٨، "رسالة الحجاب" لابن عثيمين (٧). (١) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٨/ ١١٩. وانظر: "تفسير ابن فورك" ٣/ ١٢/ أ، "بحر العلوم" للسمرقندي ٣/ ٣١٥، "معالم التنزيل" للبغوي ٦/ ٣٤.