للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فآمن بالله تعالى عند ذلك قليل منهم، وهداهم الله إلى غار في جبل له طريق إلى خلفه، فنجوا وكانوا واحدًا وعشرين رجلًا وأربع نسوة وصبيين، وكان عدة الباقين من الرجال والنساء والذراري ستمائة ألف فماتوا عطشًا وجوعًا ولم يبق منهم باقية.

ثم عاد القوم المؤمنون إلى منازلهم فوجدوها قد صار أسفلها أعلاها، فدعوا الله تعالى عند ذلك مخلصين أن يحييهم بزرع وماشية وماء، ويجعله قليلًا لئلا يطغوا فأجابهم الله تعالى إلى ذلك لما علم من صدقهم.

وأطلق لهم نهرهم وزادهم على ما سألوا، فقام أولئك بطاعة الله ظاهرة وباطنة، حتى مضى أولئك القوم، وحدث من نسلهم بعدهم قوم أطاعوا الله في الظاهر وناقضوا في الباطن، فأملى الله عَز وَجلّ لهم ثم كثرت معاصيهم فبعث الله عليهم عدوهم، فأسرع فيهم القتل.

فبقيت شرذمة منهم، فسلط الله عليهم الطاعون فلم يبق منهم أحدًا، وبقي نهرهم ومنازلهم مائتي عام لا يسكنها أحد، ثم أتى الله تعالى بقرن بعد ذلك فنزلوها وكانوا صالحين سنين، ثم أحدثوا فاحشة، جعل الرجل يدعو (١) بنته وأخته وزوجته فينيلها جاره وصديقه وأخاه يلتمس بذلك البر والصلة، ثم ارتفعوا من ذلك إلى نوع آخر يستغنى الرجال بالرجال وتركوا النساء حتى يشبقن (٢)


(١) من (م)، (ح).
(٢) الشبق: شدة الشهوة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>