للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم المخادعة على وزن المفاعلة، وأكثر المفاعلة إنما تجيء في الفعل المشترك بين اثنين، كالمقاتلة والمضاربة والمشاتمة، وقد تكون أيضاً من واحد، كقولك: طارقت النّعل، وعاقبت اللص، وعافاك الله (١)، قال الله -عز وجل-: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} (٢) وقال: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} (٣)، فالمخادعة هاهنا عبارة عن الفعل الذي يختص بالواحد؛ لأن الله تعالى لا يكون منه خداع (٤).

{وَالَّذِينَءَامَنُوا} أي: ويخادعون المؤمنين بقولهم إذا رأوهم قالوا (٥): آمنا، وهم غير مؤمنين. وقال بعضهم: خِداعهم المؤمنين


(١) "البسيط" للواحدي ٢/ ٥٠٣، ٥٠٥، "معالم التنزيل" للبغوي ١/ ٦٥، "لباب التأويل" للخازن ١/ ٣٣.
(٢) الأعراف: ٢١.
(٣) التوبة: ٣٠، المنافقون: ٤.
(٤) سيأتي بإذن الله بيان المعنى الصحيح للمخادعة ونحوها من الله جل وعلا في تفسير الآية (١٥) عند قوله تعالى {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} الآية.
قال الطبري رادا على أبي عبيدة قوله: يخادعون في معنى يخدعون. . ولا يكاد يجيء (يفاعل) إلا من اثنين إلا في حروف هذا أحدها، فقال أبو جعفر: وليس القول في ذلك عندي كالذي قال، بل ذلك من التفاعل الذي لا يكون إلا من اثنين، كسائر ما يُعرَف من معنى (يفاعل ومفاعل) في كل كلام العرب، وذلك أنَّ المنافق يخادع الله جل ثناؤه بكذبه بلسانه -على ما تقدَّم وصفه- والله تبارك وتعالى خادعه بخذلانه عن حسن البصيرة بما فيه نجاة نفسه في آجل معاده، كالذي أخبر في قوله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} [آل عمران: ١٧٨]. "جامع البيان" للطبري ١/ ١١٩، وقول أبي عبيدة في "مجاز القرآن" ١/ ٣١.
(٥) ليست في (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>