للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورأيت في بعض الكتب أن سليمان -عليه السلام- لمّا سمع قول النملة قال: ائتوني بها، فأتوه بها فقال لها: لم حذَّرت النمل ظلمي؟ أما علمتِ أني نبي عادل؟ فلم قلت: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُوُدُهُ}؟ فقالت النملة: أما سمعت قولي: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}؟ مع ما (١) أني لم أرد حطم النفوس وإنما أردتُ حطم القلوب، خشيت أن يتمنَّين مثل (٢) ما أعطيت ويشتغلن بالنظر إليك عن التسبيح، فقال لها سليمان -عليه السلام-: عظيني، فقالت النملة: هل علمتَ لم سُمِّيَ أبوك داود؟ قال: لا، قالت: لأنه داوى جُرْحَهُ فَرُدّ (٣)، هل تدري لما سُميتَ سليمان؟


= عن الحسن قال: كان اسم هدهد سليمان غبر، وأقول: من أين جاء علم هذا للحسن رحمه الله؟ وهكذا ما رواه عنه ابن عساكر أن النملة حرس، وأنها من قبيلة يقال لها بني الشيصان وأنها كانت عرجاء وكانت بقدر الذئب وهو رحمه الله أورع الناس في نقل الكذب، ونحن نعلم أنَّه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك شيء، ونعلم أنَّه ليس للحسن إسناد متصل بسليمان أو بأحد من أصحابه، فهذا العلم مأخوذ من أهل الكتاب، وقد أمرنا أن لا نصدقهم ولا نكذبهم، فإن ترخّص مترخص بالرواية عنهم لمثل ما رُوِيَ: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، فليس ذلك فيما يتعلق بتفسير كتاب الله سبحانه بلا شك، بل فيما يذكر عنهم من القصص الواقعة لهم وقد كررنا التنبيه على مثل هذا عند عروض ذكر التفاسير العربية، ونحوه في كلام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ١٠/ ٣٩٧.
(١) وردت في "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٣/ ١٧١، من غير (ما) وهو الصواب.
(٢) من (س).
(٣) معناها: أنَّه داوى جرْحَهُ فَرُدَّ بمعنى التأم الجرح وشُفي، وداود اسم أعجمي، فكيف يكون معناها عربي! ، وذكرها القرطبي بلفظ: جراحة فؤاده، والله أعلم. "الجامع لأحكام القرآن" ١٣/ ١٧١، "مختار الصحاح" للرازي (٩٠، ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>